من موقعي هذا: "أصبح الدخل من صالون التجميل الخاص بي "طوق النجاة" خلال أصعب الأوقات التي مرت بها عائلتي".

التاريخ:

Marwa Tarek
مروة طارق، إحدى المشاركات في دورة تصفيف الشعر والتجميل، خلال عملها في صالون تجميل بالإسكندرية عام 2024. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ ندى إسماعيل

بترك الشئ الوحيد الذي تحبه، كانت مروة تشعر بالإحباط وخيبة الأمل بعدما أُجبرت علي غلق صالون التجميل الخاص بها بعد عامًا واحدًا بسبب بعض التحديات بما في ذلك قلة الخبرة والضغوط المالية. إلا أنها ظلَّت شغوفًة بمجال التجميل وقررت المحاولة مرة أخرى. لكن هذه المرة متسلحة بالمهارات والمعرفة التي اكتسبتها من خلال دورة تصفيف الشعر والتجميل التابعة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.

"على عكس الأخريات، لم يكن شغفي بمجال التجميل وتسريحات الشعر المختلفة مجرد تسلية للمتعة في طفولتي، وإنما كان حبًا عميقًا ولمحة بسيطة لما أردت ممارسته كمهنة. كنت أشعر بسعادة بالغة عندما أجرب تسريحة شعر أو طريقة مكياج جديدة، مما يقرب حلمي بامتلاك صالون تجميل في يوم من الأيام.

وبعد تخرجي في الكلية ومسؤولياتي كزوجة وأم لابنتين، كنت أشعر بالحماس لتحقيق حلمي. فاستأجرتُ متجرًا صغيرًا وحولته لصالون التجميل الذي أحلم به، وكان ممتلئًا بالكراسي ومجففات الشعر وأرفف عليها كل المنتجات التي أحتاج إليها. لكن للأسف، فإن شغفي بالمهنة ومتباعة فيديوهات تعليمية ]عبرالإنترنت[ عن التجميل لم تكن كافية للاستمرار. وسرعان ما ظهرت قلة خبرتي ولم أتمكن من مواكبة احتياجات العملاء، وبعد عام من الكفاح، قررت إغلاق متجري وتأجيل حلمي.

وقتها شعرتُ بكثير من اليأس بسبب فشلي في المجال الذي أحبّه، وأثناء كل هذا الإحباط، ظهر بصيصٌ من الأمل عندما علمت بدورة تصفيف الشعر والتجميل التابعة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وأحسستُ أنها فرصتي للمثابرة في تحقيق حلمي وأدركت أنها فرصتي لاكتساب الخبرة العملية التي أحتاج إليها من خلال خبراء في المجال ذاته.

وبالفعل كانت هذه الدورة المكثفة نقطة تحوّل بالنسبة لي، لأنها كشفت عن فجوات كبيرة في معرفتي ومعلوماتي عن المهنة. فتعلمتُ مثلًا أن العناية بالتجميل لا يقتصر على تطبيق أحدث الصيحات أو إتقان تسريحة شعر بعينها، لكنه علم معقد يتطلب دراسة مكثفة لتصبح محترفًا به. استمرت الدورة التدريبة شهرًا كاملاً على يد خبير من المجال في صالونه الخاص وهو ما زوَّدني بالخبرة العملية والتوجيه الثاقب الذي ساعدني على تعزيز مهاراتي .

وشمل التدريب التعمَّق في فن العناية بالبشرة والماكياج، وبفضله أصبحتُ الآن قادرة على التمييز بين أنواع البشرة المختلفة وفهم كيفية العناية بها بشكل مناسب، والمنتجات الصحيحة التي يجب استخدامها. لقد قمت أيضًا بدراسة أشكال الوجه المختلفة مما يسمح لي باختيار المناسب من المكياج لابراز نقاط الجمال الفريدة لكل عميلة.

 كما أتقنت فنيات العناية بالشعر، وأدركت عديدًا من الأخطاء التي كنتُ أرتكبها سابقًا. فتطوَّرتْ مهاراتي في تصفيف الشعر من "منهجية المحاولة والخطأ" لحرفية عمل تسريحات مختلفة صحيحة باستخدام حركات يد معينة وأدوات محددة لتحقيق مظهر مثالي كل مرة. ولم يقتصر التدريب فقط على الخبرة الفنية بمجال التجميل، بل ركَّز أيضًا على التعامل بحرفية وسبل تقديم خدمة استثنائية للعميلات. ومنها علي سبيل المثال، الحفاظ على مسافة آمنة بيني وبين العميلة لضمان راحتها واحترام مساحتها الشخصية والمحافضة علي المعايير الأساسية للنظافة الشخصية وللمكان، لترك بصمة ايجابية ولائقة.

وبفضل التدريب، قررتُ إعادة تشغيل معدّات التجميل التي قمت بتخزينها بعد غلق صالوني، وتحويل غرفة في شقة والدتي إلى صالون مؤقت. وكنت أمارس يوميًا التقنيات الجديدة التي تعلمتها على بنات العائلة والأصدقاء والجيران، الأمر الذي ساعدني أن أكون محترفة بالمجال . وشيئاً بشئ بدأ الخبرعني وعن صالوني الصغير ينتشر، وبدأتُ في استقبال عملاء جدد، حتى أني كنت أسافر لأسوان لأقدم خبرتي في التجميل لأهل زوجي وأصبح هناك أمل في تحقيق حلمي من جديد.

أصبح الدخل الجديد من صالون التجميل "طوق النجاة" خلال أصعب الأوقات التي مرَّت بها عائلتي إثر أزمة صحية غير متوقعة تركتْ زوجي غير قادر على العمل. لقد مكنني عملي من تلبية احتياجات عائلتي (سواء في مصاريف المعيشة أو تكاليف الأدوية لزوجي) حتى تمكن زوجي من الوقوف على قدميه مرة أخرى. كان وقتًا عصيبًا ولا يسعني إلا أن أشعر بالامتنان والفخر لكوني كنت قادرة على إعالة أسرتي عندما كنا في أَمسِّ الحاجة إلى ذلك.

أومن أن العمل في مجال التجميل من أفضل الوظائف في العالم، لأنك تعمل على إسعاد الآخر. فعندما أرى الفرحة والثقة تشع من امرأة بعد عملي معها، يزداد شغفي بهذا المجال أكثر فأكثر .وبفضل التدريب الأخير، أدَّخر حاليًا لإعادة فتح صالوني الخاص وهذه المرة أنا واثقة أنه سيُحقق نجاحًا كبيرًا لأنني تسلحت بالمهارات المطلوبة وتعلمت أسرار المهنة.

***

مروة إحدى المشاركات في التدريبات الفنية التي قدمها برنامج "التمكين الاقتصادي للمرأة في مصر" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، والذي يهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا بتنمية القدرات وتوفير فرص العمل اللائق، ولتحقيق هذا الهدف، قدم البرنامج تدريبات فنية لرائدات الأعمال والباحثات عن العمل في مجالات مختلفة، مثل إصلاح الهواتف المحمولة، صناعة المنتجات الجلدية اليدوية، صناعة الإكسسوارات، تحضير الطعام، تصميم الأزياء (الخياطة)، التجميل.

تنفذ هذا البرنامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، ووزارة التعاون الدولي، ووزارة العمل، بدعم من الوكالة الكورية للتعاون الدولي، والتدريب الذي حضرته مروة قدَّمته مؤسسة قدرة للتنمية والحلول التكنولوجية للتعليم.

وتظهر قصة مروة تأثير جهود هذا البرنامج في دعم سيدات الأعمال والباحثات عن العمل بتوفير تدريبات لتعزيز مهاراتهنّ، مما يُسهم بشكل مباشر في تحقيق الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة: تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، والهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة: تعزيز النمو الاقتصادي المطّرد والشامل والمستدام والعمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع.