حقوق المرأة آنذاك والآن: إعلان ومنهاج عمل بيجين خريطة الطريق لتنفيذ جهودنا في تمكين المرأة بجميع أنحاء العالم
التاريخ:
مقابلة مع السفيرة ميرفت تلاوي([1]) من مصر بخصوص مشاركتها في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بيجين عام 1995، وكيف لا يزال منهاج عمل بيجين ذا صلة حتى اليوم.

"لكل النساء والفتيات" هذه دعوة للتحرك في الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بيجين. تشارك السفيرة ميرفت تلاوي من مصر بعض اللحظات المهمة من مؤتمر بيجين عام 1995، وتوضّح كيف تقدّمتْ أجندة تمكين المرأة تقدمًا ملحوظًا منذ ذلك الحين.
الاستعدادات لبيجين 1995
ما ساعدني في مؤتمر بيجين وهيَّأني له هو المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عُقد في القاهرة عام 1994، فقد كان مؤتمرًا قيّمًا استفدت منه كثيرًا لتناوله عديدًا من الموضوعات المهمة مثل الإجهاض والزيادة السكانية وغيرها مما يتعلق بصحة المرأة وتنميتها، وخلاله وُضِعَ برنامج "الصحة الإنجابية"، وكان مصطلحًا جديدًا آنذاك، ولم يُعرَف إلا بعد هذا المؤتمر.
ونظرًا إلى خبرة مصر في هذا المجال، طُلب من الوفد المصري قيادة لجنة الصحة [في أثناء مؤتمر بيجين]، رغم أنها كانت مهمة دولة أخرى، لكن خبرة مصر وكفاءة قيادتها دفعت الوفود المشاركة إلى الموافقة على توليها قيادة هذه اللجنة.
وما زلتُ أتذكر اللحظة الرائعة التي أُعلنت فيها نتائج اللجنة، ورأيت 700 مشارك ومشاركة في القاعة يقفون مصفقين تقديرًا للنتائج. كانت هذه هي اللحظة التي شعرنا فيها بنجاح المؤتمر رغم كل التحديات.
تحديات مؤتمر بيجين 1995
في ذلك الوقت عام 1995، لم يكن السياق العالمي داعمًا لأجندة تمكين المرأة، بل كانت هناك حركة معارِضة في جميع أنحاء العالم، لذلك كان علينا أن نكون أكثر يقظة واستعدادًا لضمان عدم فشل المؤتمر.
وكان أحد التحديات الرئيسية هو إشراك المجتمع المدني، لكن خطة المؤتمر لم تتضمن ذلك وقتها، فتواصلتُ بسفير الصين وشرحتُ له أهمية الأمر، وقلت له إن لم يتحقَّق ذلك فقد تفقد الصين فرصة استضافة المؤتمر، موضّحة أنه يمكنهم المشاركة في منطقة منفصلة عن الوفود الرسمية، ولحسن الحظ حصلنا على الموافقة وشاركوا بالفعل.
والحقيقة أنه كانت هناك محاولات مختلفة لإفشال المؤتمر، على سبيل المثال، أدرجتْ إحدى الدول ممثلة عن منظمة غير حكومية ضمن وفدها الرسمي، فقط لأنها على دراية بالقواعد واللوائح وتعرف كيفية إدارة الجلسات، لكن ذلك كان ضد القانون. كان الموقف مفاجئًا وأعتقد أن غرضه كان تعطيل المؤتمر وإفشاله، لكننا تعاملنا مع هذا الموقف بحنكة وتأكدنا من أن ممثلي المنظمات غير الحكومية ليسوا جزءًا من الوفود الرسمية.
تأثير إعلان ومنهاج عمل بيجين
كان إعلان ومنهاج عمل بيجين حجر الأساس وخريطة الطريق لتنفيذ جهودنا في تمكين المرأة بجميع أنحاء العالم.
وبالنظر عن كثب إلى كيف تقدَّمت أجندة تمكين المرأة في مصر بعد بيجين 1995، فقد أصبحت الآليات الوطنية للمرأة، بما في ذلك المجلس القومي للمرأة، أقوى، وبدأت النظرة تجاه أجندة تمكين المرأة تتطوَّر إيجابيًا وتُعامَل على أنها ملفٌ مهم يتعلق باقتصاد البلاد وتنميتها.
بالإضافة إلى ذلك، كان بيجين إطارًا دوليًا أسهم في ترجمة القوانين إلى إجراءات على أرض الواقع في مختلف البلدان. على سبيل المثال، من بين الخطوات الرئيسية التي شهدتها مصر اتخاذ وزارة الداخلية قرارًا بتغيير هيكلها وإنشاء إدارة لحقوق الإنسان خصَّصتْ من خلالها مراكزُ الشرطة ضابط/ضابطة شرطة متخصصًا/متخصصة للتعامل مع قضايا المرأة وشكاواها مثل التحرش.
ونحن نشهد الآن تقدمًا ملحوظًا في أجندة تمكين المرأة بجميع أنحاء العالم ومصر، وأومن أن المرأة المصرية تعيش حاليًا عصرها الذهبي مع وجود إرادة سياسية قوية جدًا لتمكينها في مختلف المجالات، وعندما عُيِّنتُ وزيرة في التسعينيات كنتُ الوحيدة في مجلس الوزراء، لكن نسبة الوزيرات والبرلمانيات والقائدات قد ازدادت منذ ذلك الحين.
رسالة إلى الشابات المدافعات عن حقوق المرأة
رسالتي إلى الشابات هي الاستمرار في الدعوة إلى تمكين المرأة ودعم حقوقها، وعدم الشعور بأن العمل انتهى مع ما طُبِّق منها حتى الآن، فالحقوق المُكتَسبَة تحتاج إلى حماية مستمرة، وهذا دورهنّ، لذا فإن عليهنّ المواصلة والوقوف في وجه أي شخص قد يُعرِّض هذه المكتسبات للخطر.
[1] عُيِّنت السفيرة ميرفت التلاوي سفيرة لمصر في النمسا واليابان، وكانت أول امرأة تشغل هذا المنصب في مصر، وعام 2017 حصلت على وسام الشمس المشرقة "النجمة الذهبية والفضية" من الحكومة اليابانية تقديرًا لنضالها من أجل تمكين المرأة في مصر، بالإضافة إلى منصبها كسفيرة لمصر في اليابان من عام 1993 إلى عام 1997، وعُينت وزيرة للتأمينات والشؤون الاجتماعية عام 1997 حتى عام 1999، وفي عام 2000 كانت أول عربية تُعيَّن وكيلة للأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، كما شغلت منصب رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر بين عامي 2012 و2016.