قوى التغيير: تحسين حياة المرأة في مصر

التاريخ:

تمثل منظمات المجتمع المدني دورًا هاما في العمل على مناهضة العنف ضد المرأة في مصر، نظرا لتواجدهم على الأرض وقربهم من الناجيات من العنف ومرتكبينه، ولدى هذه المنظمات القدرة على تغيير مجتمعاتهم والتأثير على الناس. تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشكل وثيق مع منظمات المجتمع المدني للوصول إلى النساء والفتيات وكذلك الرجال والفتيان لزيادة الوعي حول قضية العنف ضد المرأة في المجتمعات.

تركز هيئة الأمم المتحدة للمرأة على بناء قدرات هذه المنظمات التي تعمل بلا كلل باستخدام استراتيجيات مصممة حسب احتياجات المجتمعات من أجل تغيير المفاهيم المتعلقة بالعنف ضد المرأة وتوفير الدعم اللازم للنساء والفتيات اللاتي تعرضن للعنف. من بين الأنشطة الرئيسية التي تنفذها منظمات المجتمع المدني هي تنظيم جلسات توعوية مبتكرة ودعم المرأة لتعزيز استقلالها ماديا. تعد مشاركة المتطوعين والمتطوعات وقادة المجتمع بالإضافة إلى إشراك الرجال والفتيان من النهج الرئيسية التي تطبقها منظمات المجتمع المدني خلال جهودها المختلفة مع وضع احتياجات الناجيات كأولوية رئيسية.

منذ أكتوبر 2017 وحتى سبتمبر 2018، وصل برنامج مناهضة العنف ضد المرأة إلى أكثر من 22,615 شخص من المجتمعات المختلفة من خلال أنشطة متنوعة تهدف إلى رفع الوعي حول القضايا المتعلقة بالعنف ضد المرأة وأشكاله المختلفة.

في هذا المقال المصور، سوف نتعرف على بعض من منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات (القاهرة والجيزة والإسكندرية وبني سويف والمنيا) التي انضمت إلى البرنامج منذ أغسطس 2017 وأحدثت تأثيرًا إيجابيًا بين مجتمعاتهم من خلال الأنشطة التي يتم تنفذها.

يتم تنفيذ هذا البرنامج من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، وزارة التضامن الاجتماعي، منظمة كير الدولية في مصر، وبدعم سخي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر.

جمعية الحياة الأفضل للتنمية والتدريب – بني سويف

بيشوي برسوم، مدير برنامج مناهضة العنف ضد المرأة في جمعية الحياة الأفضل للتنمية والتدريب. (صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

 

جمعية الحياة الأفضل للتنمية والتدريب هي إحدى المنظمات في بني سويف التي تركز على تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المناطق المستهدفة. تؤمن الجمعية بقوة وقدرة التطوع على تغيير العقليات في المجتمعات واستخدمت هذا النهج لمعالجة العديد من القضايا، ليس فقط المتعلقة بالعنف، بل أيضًا القضايا بالتعليم والصحة والتمكين الاقتصادي. يدرك فريق العمل في جمعية الحياة الأفضل أيضًا أن التعاون بين المنظمة والمجتمع أمر أساسي لتغيير العقليات وتحقيق التنمية المستدامة. لذلك، يعتبر إنشاء قاعدة كبيرة من المتطوعين والمتطوعات إحدى الخطوات الرئيسية للتواصل مع المجتمعات وإحداث تأثير فعال.وقال بيشوي برسوم، مدير البرنامج في الجمعية: "نحن فخورون بأننا تمكنا من إنشاء شبكة من المتطوعين تجمع 64 شاباً وشابة موهوبون حيث ينظمون أنشطة توعوية حول العنف ضد المرأة وعواقبه السلبية على النساء وعلى المجتمعات".يلعب المتطوعون والمتطوعات، المقيمون في بني سويف ويرغبون في إحداث تغيير، دورًا مهمًا في إعطاء مثال حى لتغيير الثقافة المتعلقة بأدوار الجنسين داخل مجتمعهم، ومن ضمن المتطوعين بعض من النساء الناجيات من العنف وأيضاً بعضاً من مرتكبي العنف. وبدعم من البرنامج، قدمت الجمعية مجموعة من الدورات التدريبية للمتطوعين والمتطوعات حيث تركز هذه الدورات على مفهوم النوع الاجتماعي، والتمكين الاجتماعي، والعمل التطوعي والقيادة، وكيفية استجابة المتطوعين والمتطوعات للنساء الناجيات من العنف وتقديم الدعم لهن.اليوم، أصبح هؤلاء القادة الشباب وكلاء للتغيير حيث يدافعون عن حقوق المرأة وإنهاء العنف ضدها من خلال تنفيذ أنشطة مختلفة، مثل ندوات توعوية، والعلاج بالفن، والمسرح التفاعلي، والرقص المعاصر. من خلال هذه الأنشطة، يتواصل المتطوعين والمتطوعات مع أفراد المجتمع ويعملوا على تعزيز ثقافة عدم التسامح أو القبول بالعنف ضد المرأة.

داليا حمدي، المنسقة الميدانية لبرنامج مناهضة العنف ضد المرأة في جمعية الحياة الأفضل للتنمية والتدريب. (صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

 

وتشرح داليا حمدي، المنسقة الميدانية في الجمعية، أن التعاون مع المجلس القومي للمرأة وغيرها من المنظمات قد ضاعف تأثير عملهم حيث وفر لهم الدعم لتوسيع نطاق عملهم وزيادة تواصلهم مع الناس. على سبيل المثال، قدم متطوعو الجمعية العديد من العروض المسرحية التفاعلية وأنشطة الدفاع عن النفس للنساء والفتيات خلال الاجتماعات المحلية التي نظمها المجلس القومي للمرأة بهدف رفع وعي المشاركين والمشاركات بحقوقهم القانونية.

بالتوازي مع ذلك، يقوم محامي مكتب الشكاوى التابع لفرع المجلس القومي للمرأة في بني سويف بدور كبير في الأنشطة المحلية المختلفة التي تنفذها منظمات المجتمع المدني، من أجل تعزيز الخدمات الأساسية المجانية التي يقدمها المجلس القومي للمرأة ومكتب شكاوى المرأة للناجيات من العنف. وهذا يضمن دراية المرأة بحقوقها القانونية وتوفير محامين لتقديم الدعم اللازم طوال العملية.

فيما يتعلق بالتحديات الرئيسية التي تواجهها جمعية الحياة الأفضل، فإن تغيير الاعتقاد الراسخ بأن الرجال متفوقون على النساء هو التحدي الأكبر، لكن تواجه الجمعية هذا التحدي من خلال تعزيز المعتقدات والأفكار المراعية للنوع الإجتماعي باستخدام عدد من المنهجيات المختلفة، مثل مشاركة الرجال والفتيان.

جمعية الجزويت والفرير للتنمية بالمنيا

مجدي نصحي، المنسق الميداني لبرنامج مناهضة العنف ضد المرأة في جمعية الجزويت والفرير للتنمية بالمنيا. (صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

تعمل جمعية الجزويت والفرير للتنمية بالمنيا في المناطق الريفية والحضرية لتمكين المجموعات الضعيفة، مع التركيز على احتياجات النساء والفتيات.

واوضح مجدي نصحي، المنسق الميداني للبرنامج في المنيا، أنه فخور بالوحدة التطوعية التي تأسست في الجمعية متضمناً أكثر من 74 متطوع ومتطوعة.

وبمساعدة المتطوعين والمتطوعات بدأت الجمعية في تغيير الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالعنف ضد المرأة والمساواة وتمكين المرأة. تقوم الجمعية من خلال عملها برفع وعى النساء بحقوقهن ومساعدتهن للحصول على الدعم المناسب لحماية حقوقهن. تعد الجمعية أيضًا مكان آمن للنساء في المجتمع للتحدث وطلب المساعدة والإحالة إلى الخدمات التي يحتاجون إليها.

نجحت الجمعية أيضًا في إشراك القادة الدينيين وطلاب الجامعات والمدارس وكذلك أفراد المجتمع في الأنشطة التوعوية، مما كان له أثراً إيجابي على منظور المجتمعات المحلية عن العنف ضد المرأة في المحافظة.

تعمل الجمعية أيضاً على تعزيز مهارات المرأة وتزويدها بفرص مدرة للدخل كنهج للتصدي للعنف ضد المرأة نظراً لأن النساء على الأرجح لن يبلغن عن حوادث العنف أو يطلبن الدعم في حالة اعتمادهن اقتصادياً على الرجال.

"تمكين النساء والفتيات من خلال تطوير مهاراتهن ومواردهن أمر أساسي لكسر دائرة العنف"، صرح مجدي نصحي.

جمعية حواء المستقبل لتنمية الأسرة والبيئة – الجيزة

هبة الله صادق، مديرة البرنامج في جمعية حواء المستقبل لتنمية الأسرة والبيئة في الجيزة. (صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

تعمل جمعية حواء المستقبل لتنمية الأسرة والبيئة على خلق تغييراً إيجابياً في منطقة الجيزة وتحسين مستوى معيشة النساء والأطفال من خلال تنفيذ مشاريع اجتماعية وثقافية وتعليمية وبيئية وصحية.

وبدعم من 62 متطوعاً في الجمعية، يتم تنظيم أنشطة متنوعة ومبدعة لرفع الوعي والوصول إلى النساء، هذه الأنشطة تضم عروض المسرح التفاعلي والأيام الرياضية والحرف اليدوية والفن.

تحكي هبة الله صادق، مديرة البرنامج في الجمعية، لحظة مهمة تفخر بها بشكل خاص: "أتذكر في إحدى جلسات التوعية الذي ننظمها في "المنطقة الصديقة للنساء والفتيات"، كنا نتحدث عن المفاهيم الخاطئة المتعلقة بختان الإناث ومدى ضرره وبعد الجلسة جاءت امرأة وقالت لنا أنها كانت تنوي أن تختن ابنتها في اليوم التالي ولكنها غيرت رأيها."

وفي إطار البرنامج، قامت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع محافظة الجيزة، بالتطوير العمراني لمساحة عامة في إمبابة لإنشاء "المنطقة الصديقة للنساء والفتيات". وكانت هذه الأرض، التي تقع بالقرب من مدرسة للبنات، مشهورة بارتفاع حوادث التحرش الجنسي ضد الفتيات والنساء، مما يمنعهن من استخدام المساحات والخدمات العامة بأمان. الآن، تم تحويلها إلى حديقة آمنة ومجهزة بالكامل، متضمنا منطقة لعب للأطفال. "المنطقة الصديقة للنساء والفتيات" توفر مساحة اجتماعية للنساء والفتيات حيث يمكنهن ممارسة الرياضة وحضور الندوات والدورات التدريبية المفيدة والمشاركة في الأنشطة الفنية، التي يتم تنظيمها جميعاً من قبل متطوعي الجمعية.

وبعد أن خصصت محافظة الجيزة "المنطقة الصديقة للنساء والفتيات" لجمعية حواء المستقبل، أصبحت الجمعية الآن مسؤولة عن إشراف المنطقة وكذلك ضمان صيانتها واستدامتها المالية.

جمعية الريادة – الإسكندرية

بسنت موسى، مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة في جمعية الريادة بالإسكندرية.  (صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

تركز جمعية الريادة في الإسكندرية بشكل خاص على تمكين المجموعات المستضعفة اقتصاديًا وحمايتهم من جميع أشكال العنف، كما تدعم الجمعية تطوير الخدمات المدنية والحكومية وكذلك بناء القدرة على مواجهة الأزمات المستقبلية، وبهذا تهدف الجمعية إلى تحسين حياة النساء والأطفال عن طريق إخراجهم من دائرة الضعف.

وأوضحت بسنت موسى، مديرة البرنامج في الجمعية، أن البرنامج ساعد الجمعية على بناء شراكات مستدامة مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية، كما أوضحت أن الجمعية نجحت في تقديم مختلف الخدمات للناجيات من العنف، مثل الدعم النفسي والقانوني.

بالإضافة إلى ذلك، تركز جمعية الريادة على كسب ثقة المجتمع وأصحاب المصلحة، بالإضافة إلى المتطوعين والمتطوعات في المناطق المستهدفة البالغ عددهم 65 متطوعاً، لخلق بيئة توفر الدعم للنساء حينما يتعرضن للعنف.

وكما ذكرت بسنت أن من أهم الإنجازات التي حققتها جمعية الريادة أنها زيادة ثقة النساء بأنفسهن وتمكينهن نتيجة للجلسات التوعوية والتدريبات المقدمة.


مؤسسة الشهاب للتنمية الشاملة - عزبة الهجانة

تعمل مؤسسة الشهاب للتنمية الشاملة في عزبة الهجانة في المناطق المهمشة والأحياء الفقيرة في القاهرة الكبرى، وهي تهدف إلى تمكين الفئات الأكثر تهميشًا مثل النساء والأطفال والشباب دون تمييز على أساس الجنس أو الدين أو اللون.

داليا محمود، مديرة البرنامج في الجمعية، تسلط الضوء على مجموعة واسعة من أنشطة التواصل التي تقوم بها شبكة المتطوعين والمتطوعات في عزبة الهجانة، حيث قام 56 شابة وشاب برفع وعي حولي 1،634 شخص.

سعياً إلى تغطية منطقة عزبة الهجانة كاملةً، قام متطوعون ومتطوعات البرنامج بالاتصال مع منظمات المجتمع المدني الأخرى ذات القاعدة الشعبية في المنطقة، مما أسّس تحالفًا من الجمعيات المحلية حيث يعملون معاً على تغيير الفكر الخاطئ حول الناجيات من العنف وتعزيز المفاهيم المراعاة للنوع الاجتماعي. في ضوء ذلك، نجحت جمعية الشهاب في جمع العديد من الأشخاص المؤثرين في المجتمع لتوحيد قواهم من أجل ضمان إحداث تأثير وتغيير كبير في المجتمع.

فيما يتعلق بالتحديات، كان إشراك الرجال والفتيان هو العقبة الرئيسية في البداية، لذلك قامت الجمعية بإعادة النظر في النهج لضمان تنفيذ أنشطة مناسبة للمجتمع واحتياجاته، واليوم يستهدف المتطوعون الرجال والفتيان في المقاهي، كما زادت نسبة مشاركة الذكور في الأنشطة والتطوع بشكل كبير.