تغيير العقول من خلال العمل التطوعي

التاريخ:

يركز برنامج "مناهضة العنف ضد المرأة" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بشكل خاص على رفع وعي المجتمع من أجل العمل على وقف العنف ضد المرأة والتصدي له. لهذا الغرض، يستثمر البرنامج في تمكين أفراد المجتمع، وخاصةً الشباب، وتدريبهم ومنحهم دوراً مؤثراً داخل مجتمعاتهم ليصبحوا قادة يدعمون المساواة بين الجنسين ويساهمون في إحداث تغيير داخل المجتمعات.

تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، بدعم سخي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، مع خمس منظمات من المجتمع المدني في عدة محافظات (القاهرة والجيزة والإسكندرية والمنيا وبني سويف) لرفع الوعي بالأشكال المختلفة للعنف ضد المرأة والعمل على وقفه. جمعت منظمات المجتمع المدني المحلية أكثر من 200 متطوع ومتطوعة من المجتمع وعملوا على بناء قدراتهم على مواضيع مختلفة مثل كسر دائرة العنف، وأدوار النوع الاجتماعي، وكيفية قيادة عملية التغيير.

في بني سويف، أطلق برنامج "مناهضة العنف ضد المرأة" ورش عمل لبناء القدرات لـ 64 متطوعا ومتطوعة، مما منحهم دوراً رائداً في تنفيذ أنشطة البرنامج للدعوة إلى تمكين المرأة داخل المجتمع. بعد ذلك، تم تجهيز المتطوعين والمتطوعات للقيام بأنشطة مبتكرة، مثل الأيام الرياضية والمسرح التفاعلي ومسرح دمى الظل والعلاج بالفن. من خلال مختلف الأنشطة الميدانية التفاعلية، تم تعريف النساء والرجال على حد سواء بمفهوم المساواة بين الجنسين وأصبحوا واعين بالمعتقدات الثقافية الخاطئة المتعلقة بدور المرأة في الأسرة ومفهوم الرجولة، مع التركيز على أشكال مختلفة من العنف ضد المرأة ووسائل القضاء عليها.

جلست هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر مع عدد من المتطوعات في بني سويف لمعرفة المزيد عن تجربتهن مع برنامج "مناهضة العنف ضد المرأة" وكيف غير البرنامج حياتهن وكيف يؤثرن على مجتمعهن وحياة النساء الأخريات.

إبتهال محمد

"التدريب ككل فرق معايا فيا كشخصية، بقيت أقدر أروح أي مكان وأتكلم براحتي، بقيت دلوقتي عندي الشجاعة والقدرة والجرأة، دلوقتي بقيت بقدر أرشد أي حد أو أصحح مسار لأي حد من البنات."-إبتهال محمد، متطوعة في البرنامج في بني سويف.
(صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

إبتهال محمد، شابة تبلغ من العمر 19 عاماً، تعيش في منطقة ريفية مُحافِظة في بني سويف، حيث من غير المعتاد أن تتحرك الفتيات والنساء بحرية وتشارك في الحياة المجتمعية. ومع ذلك، بخلاف الفتيات الأخريات في الحي الذي تعيش فيه، فإن إبتهال لها الحظ أن يدعمها والدها للذهاب إلى المدرسة والمشاركة في أنشطة مختلفة حيث تتيح لها فرصة التعلم والتطور. وتقول إبتهال أن والدها يدرك أهمية تمكينها دون التقيد الأعمى بتقاليد المجتمع التي عفا عليها الزمن.

وعندما علمت إبتهال عن فرصة التطوع في برنامج "مناهضة العنف ضد المرأة" كانت متحمسة للانضمام، ليس فقط للمشاركة في الأنشطة التي لها آثار طويلة الأجل، ولكن أيضًا لإحداث تغييرات إيجابية في مجتمعها.

 بعد المشاركة في العديد من أنشطة البرنامج، تعلمت إبتهال مختلف المهارات، مثل التواصل والقيادة، مما ساعدها على أن تصبح واعية وواثقة أكثر بنفسها. إبتهال الآن قادرة على التعبير عن آرائها ومناقشة مشاكل حساسة في المجتمع مثل التحرش الجنسي والعنف المنزلي والأعراف الاجتماعية، وكذلك تستوعب الآن كيف تؤثر مثل هذه القضايا على احتياجات الفتيات والنساء وأحلامهن وتوقعاتهن في الحياة. وتعلمت إبتهال أيضًا كيف تكون متفاهمة ومتقبلة للأخرين وأصبحت قادرة على التعامل مع الرجال بوضع حدود ومسافات مناسبة لها.

تلعب إبتهال الآن دورًا مهمًا في مجتمعها حيث تتصدى للعنف بجميع أشكاله وتدعم أسرتها وأصدقائها وجيرانها من خلال توجيههم حول كيفية تغيير معتقداتهم وسلوكهم نحو ثقافة تراعي الفوارق بين الجنسين مع عدم التسامح مطلقًا إزاء العنف.

ريهام رمضان

"بكون مبسوطة جداً لما أنزل مع المشروع للسيدات في القرى علشان أعرفهم قيمتهم وأنهم ميقللوش من نفسهم، بالعكس الدور عليهم أكثر لأنهم مربيين الأجيال.
التعامل مع السيدات حلو جدا لأن احنا بنخرج منهم بأفكار جديدة، بيخلوني أطور من نفسي من تدريب لتدريب"-
ريهام رمضان، متطوعة في البرنامج في بني سويف. (صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

كانت ريهام رمضان دائمًا مهتمة بتمكين المرأة، فوالديها متعلمان داعمين لها دائماً ويشجعونها على دراستها وتطوير ذاتها وزرعوا فيها أفكار المساواة بين الجنسين والاستقلال. ولهذا صممت ريهام على مساعدة الفتيات الأخريات في مجتمعها، وخاصة اللاتي واجهن قيود المجتمع بسبب أسرهن والعادات التقليدية.
عندما علمت ريهام عن البرنامج، كانت متحمسة للانضمام كمتطوعة لكي تطور نفسها من خلال التدريبات المختلفة من أجل المساعدة في إحداث تغيير في مجتمعها من خلال تعزيز تمكين المرأة وحقوق الفتيات في الحصول على فرص متساوية كالرجال للوصول إلى المساحات والخدمات العامة.
ومن خلال البرنامج، أصبحت ريهام أكثر وعياً بحقوقها كامرأة وكيفية حماية نفسها، ومن خلال تجارب تطوعية مختلفة أصبحت أكثر ثقةً وراحةً في التحدث عن مواضيع مختلفة تتعلق بالمرأة، مثل دورها في الأسرة وكيفية تربية أطفال متوازنين. فقد أعطاها البرنامج الفرصة للتواصل مع السيدات والفتيات من مختلف الأعمار والخلفيات لتغيير معتقداتهن وأفكارهن، وقد ساعدها ذلك في تطوير مهاراتها الاجتماعية والقيادية للتحدث بثقة عن الموضوعات المتعلقة بالمرأة.

سيمون صالح

"أنا نور وأنا متميزة، مبخدش قيمتي من الناس بالعكس أنا ليا قيمة وأى حاجة جوايا أكيد هنميها." - سيمون صالح، متطوعة في البرنامج في بني سويف.
(صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ نوران مخلوف)

نشأت سيمون صالح، شابة ذات الـ 28 عامًا، في أسرة مُحافِظة في بني سويف محاطة بالكثير من القيود. لم تكن قادرة على التحرك بحرية في الأماكن العامة أو التحدث والتعبير عن أفكارها وآرائها، وفي منزلها كانت تواجه انتقادات مستمرة من عائلتها بشأن تصرفاتها وأفكارها، ودُفعت دائمًا للاعتقاد أن حدودها وإمكاناتها مقيدة.
عندما صادفت سيمون برنامج "مناهضة العنف ضد المرأة"، شدت قضيته انتباها وشعرت أنها لمستها شخصياً. اشتركت وبدأت في حضور التدريبات وورش العمل التي عرّفتها على مفاهيم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. ومع الوقت بدأت تتخلى عن كل صراعاتها الداخلية التي نتجت عن تربيتها وثقافتها وبدأت تشعر بأنه يتم تأهيلها، وبدأت أيضًا في بناء أفكار ومعتقدات إيجابية عن نفسها كإنسانة وامرأة.
عندما تقدمت في التدريبات وبدأت العمل التطوعي، أصبح لديها ثقة أكبر في نفسها وأصبحت تعبر عن أفكارها وآرائها بعلو الصوت. أصبحت تدرك حقوقها وقيمتها كامرأة وبدأت تلعب دوراً مهماً بين عائلتها وأصدقائها.
وعلى عكس ما سبق، فأصبحت سيمون الآن فرداً مؤثراً في مجتمعها حيث يريد الناس الاستماع إليها لمعرفة ما تعلمته عن السلوك الإيجابي وبناء مجتمعات صحية تُقدر قيمة المساواة وترفض جميع أشكال العنف.
وبعد أن شهدوا نموها، غيرت عائلة سيمون من أفكارهم أيضاً، فهم فخورون بها وبالإنجازات التي حققتها والأثر الذي أحدثته، وهم الآن يدعموها ويحترموها بشكل أكبر ويشجعونها على استكشاف فرص جديدة لتوسيع نطاقها بشكل أكبر.