النساء واقتصاد الرعاية

تعدّ مصر مرآة عاكسة للاتجاهات العالمية التي تعكس بدورها العبء غير المتكافئ لأعمال الرعاية، فضلًا عن عدم التوافق بين احتياجات الرعاية والخدمات المتاحة (في القطاعين العام والخاص) وتأثير ذلك في الأُسر والمشاركة الاقتصادية والعامة للمرأة. وكشف تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة بعنوان "دور اقتصاد الرعاية في تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي: تقدُّم المرأة في الدول العربية 2020" أن النساء المتزوِّجات في مصر يقضين وقتًا أطول بسبع مرات من الوقت الذي يقضيه الرجال المتزوجون في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، بينما تقضي النساء غير المتزوجات وقتًا أطول بـ6.5 مرة من الرجال غير المتزوجين]1 .[تقضي النساء العاملات والعاطلات عن العمل في مصر القدر نفسه تقريبًا من الوقت في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، مما يعكس العبء المزدوج الذي تواجهه عديد من النساء. هناك أيضًا عدم توافق بين احتياجات الرعاية في المنزل والخدمات المتاحة، مما يحدُّ من القدرة على إعادة توزيع مسؤوليات الرعاية غير مدفوعة الأجر. كما أن عدد حضانات الأطفال المتاحة حاليًا في مصر محدود، مع بلوغ معدل الالتحاق بها قرابة 8%]2[، و على الرغم من أن معدلات الالتحاق قد زادت بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، فإنها لا تزال أقل بكثير من تلك المُحدَّدة وفقًا لهدف التنمية المستدامة المتمثل في الوصول إلى التحاق نسبة 60٪ من الأطفال بدور الحضانة بحلول عام 2030.

ويفترض التقرير -المذكور أعلاه- أن توسيع نطاق فُرص العمل اللائق في قطاع الرعاية يمكن أن يكون محركًا رئيسيًا لنمو القطاع الخاص ومشاركة النساء في العمل مدفوع الأجر، إذ إنه بين عامي 2009 و2017 نمت معدلات التوظيف في القطاع الخاص بمصر بشكل أسرع في قطاعات الرعاية مدفوعة الأجر (التعليم والصحة والعمل الاجتماعي) مقارنة ببقية قطاعات الاقتصاد (بنسبة 13 مقابل 1.8%)]3[. إن التصدي لعدم التكافؤ بين الجنسين فيما يتعلق بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والاستثمار في قطاع الرعاية مدفوعة الأجر من شأنه أن يزيد من تمكين المرأة اقتصاديًا، ويقلل من التفاوت بين الجنسين في سوق العمل المصرية بالقدر نفسه، إذ تشكّل النساء نسبة كبيرة من القوى العاملة في قطاع الرعاية مدفوعة الأجر. وتشير التقديرات إلى أن زيادة معدل مشاركة النساء في القوى العاملة بمصر ليتناسب مع معدل مشاركة الرجال، سيؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 34%]4[.

ويوصِي التقرير الإقليمي بتوسيع نطاق خدمات الرعاية والتربية الجيّدة في مرحلة الطفولة المبكرة لإعادة توزيع حصة العمل غير مدفوع الأجر بين الأسرة والحكومة. ومن شأن توسيع نطاق خدمات الرعاية والتربية الجيدة في مرحلة الطفولة المبكرة أن يتيح للمرأة خيارات لرعاية الطفل، مما يُمكّنها من الانضمام إلى سوق العمل أو العودة إليه. وقد أعلنت الحكومة خططًا لإنشاء مزيد من دور الحضانة ومراكز رعاية الأطفال]5[. بالإضافة إلى ذلك، وبموجب توجيهات جديدة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، يجري الآن التعامل مع دور الحضانة كمشروعات متناهية الصغر أو صغيرة أو متوسطة الحجم مما يمنحها الأحقية في الحصول على جميع الحوافز المتاحة بموجب قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر]6[.

وتهدف هيئة الأمم المتحدة للمرأة من خلال شراكاتها مع الحكومة المصرية إلى دعم السياسات والخدمات القائمة على الأدلة التي تُعزّز بدورها من حشد موارد قطاع اقتصاد الرعاية لدعم عمل المرأة داخل المنزل وخارجه. ويهدف العمل إلى زيادة وعي صانعي السياسات بإمكانات الاستثمارات في اقتصاد الرعاية للاستجابة لأولويّات التنمية المتعددة، وتعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة أيضًا مع الحكومة -بما في ذلك وزارة التضامن الاجتماعي- على تعزيز حصول المرأة على الدعم لعملها في المنزل، بما في ذلك دعم مراكز خدمة المرأة العاملة والنوادي الاجتماعية في جميع أنحاء مصر.

إن القاسم المشترك بين جميع جهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة في التمكين الاقتصادي والقيادة وإنهاء العنف ضد المرأة وقضايا المرأة والسلام والأمن، هو دعم الهيئة للتصدي للقوالب النمطية المغلوطة التي تسهم في تحديد مسؤوليات النساء والرجال فيما يتعلق بالرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي، وتعميق الفهم -على جميع المستويات- للحاجة إلى دعم هذا العمل وإعادة توزيعه بشكل أكثر مساواة.

]1[ تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2020، دور اقتصاد الرعاية في تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي: تقدم المرأة في الدول العربية 2020 ص 91.

 

]2[ منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، 2017، "تقرير اليونيسف السنوي 2017: مصر"، كما ورد في تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2020، ص 112.

]3[ تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2020، ص 100.

]4[ تقرير البنك الدولي السنوي لعام 2018، كما ورد في تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2020، ص 108.

]5[ مصر اليوم، 2021، "مصر تنشئ مزيدًا من دور الحضانة ومراكز رعاية الأطفال لدعم المرأة العاملة".

 18 من نيسان/ أبريل.

]6[ المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، منشور على فيس بوك بتاريخ 19 من نيسان/ أبريل 2021، جرى الاطلاع عليه في 21 من نيسان/ أبريل 2021.